القائمة الرئيسية

الصفحات

من المدونة

السعودية وأمريكا..وتعليم المرحلة الابتدائية..!



أطلعت مؤخراً على أحد البحوث الجميلة لهذا العام ٢٠٢٢م والتي تقارن بين معلمي المرحلة الابتدائية في المملكة العربية السعودية مقارنة بمعلمي الولايات المتحدة الأمريكية استنادا إلى نتائج الدراسة الدولية TIMSS لعام ٢٠١٩م في بعض الخصائص التي تؤثر في تحصيل الطلاب في مادة الرياضيات.
وقبل الخوض في تفاصيل هذه الدراسة من المعلوم أن مدى التحصيل في الدراسة الدولية TIMSSللرياضيات والعلوم يتراوح بين صفر وألف نقطة، وتم تحديد (٥٠٠) كنقطة مرجعية تمثل متوسط الأداء.
وكان متوسط درجات الطلاب في المملكة (٣٩٨) نقطة مقابل (٥٣٥) نقطة لطلاب أمريكا، أي أن طلاب المملكة حلوا في المركز (٥٣) من بين (٥٨) دولة مشاركة.

ومن الأمور المتفق عليها في نتائج هذه الدراسة بين البلدين أن الطلاب الذين تم تدريسهم من قبل المعلمين الأكبر سناً خبرتهم ٢٠ سنه فأعلى حصلوا على درجات أعلى من غيرهم من الطلاب الذين يعمل على تدريسهم الأقل خبرة، وتم تفسير هذه النتيجة بأن المعلمين الأكبر سناً هم الأكثر صبراً ويميلون إلى معاملة الطلاب مثل أطفالهم.

ومن الأمور الغريبة بالنسبة لي هي أن طلاب المملكة الذين تخصص معلميهم رياضيات ابتدائي حصلوا على أقل الدرجات في التحصيل مقارنة بالطلاب الذين تعلموا على يد معلمين تخصص رياضيات غير ابتدائي أو تخصصات أخرى غير الرياضيات! . ويعزو الباحثان هذه النتيجة إلى حقيقة أن التدريب المقدم في الكليات التربوية المتخصصة في الرياضيات يقتصر على المدارس المتوسطة والثانوية وليس الابتدائية ويمكن أيضاً أن يرجع ذلك إلى طبيعة محتوى الرياضيات للصف الرابع مما يسمح للمعلمين بتدريسها دون مراعاة تخصصاتهم. وعلى النقيض تماماً في أمريكا فقد حصل الطلاب الذين تخصص معلميهم رياضيات ابتدائي أو غير ابتدائي على أعلى الدرجات مقارنة بالطلاب الذين كانوا معلميهم أساتذة في التخصصات الأخرى.

وفيما يتعلق بالتطوير المهني فقد حقق الطلاب الذين يأخذ معلميهم أكثر من ٣٥ ساعة تدريبية درجات أعلى من الطلاب الذين يأخذ معلميهم ساعات تدريبية أقل من ذلك. والمفارقة هنا أن المعلمين في أمريكا الذين لم يحصلوا على ساعات تدريبية كانت نتائج طلابهم هي الأعلى

مقارنة بنتائج الطلاب الذين حصل معلموهم على ساعات تدريبية! ويعزو الباحثان هذه النتيجة إلى حقيقة أن برامج التدريس في أمريكا ذات جودة عالية حيث لا يحتاج المعلمون إلى مزيد من التدريب وأن التدريب يضيع وقت المعلمين ويؤثر سلباً على جودة التعليم ولا يلبي احتياجاتهم هناك.

وأخيراً فيما يخص تأثير جنس المعلمين فقد أشارت الدراسة إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين الطلاب تعزى إلى جنس معلميهم لصالح الطلاب الذين تدرسهم معلمات في كلا البلدين وقد عزى الباحثان هذه النتيجة إلى وظيفة المعلم التي قد لا تلبي تطلعات المعلمين الذكور ولكنها في ذات الوقت تحقق تطلعات المعلمات والتي تنعكس في جديتهن بالإضافة إلى أنهم أكثر حرصاً في تقديم الدعم وتوفير البيئة الأكاديمية المناسبة وتحفيز الطلاب.

وفي النهاية نلاحظ أن جنس المعلم وعمره ومؤهلاته وتخصصه متغيرات مهمه ولها تأثير كبير على التحصيل ومن توصيات البحث أنه لا ينبغي الاستهانة بالمعلمين ذوي الخبرة العالية حيث أظهر البحث أن خبرة المعلم تؤثر على تحصيل الطلاب بشكل إيجابي في كلا البلدين.


تعليقات