لا شك أن التعليم يمثل المنطلق الحقيقي لنهضة الأمم والمعول الحقيقي لأعمار الحياة، حيث أن المعيار الحقيقي لتقدم أي أمه اليوم هو مدى نجاح نظامها التعليمي ومدى اهتمامها بالعناصر الأساسية لهذا النظام من معلم وطالب ومنهج. أن التعليم العربي بشكل عام يعاني أوجه قصور كثيرة تتعدد الأسباب والاتجاهات في وصف هذا القصور، فهناك من يحمل الأنظمة أسباب القصور، وهناك من يحمل المعلمين هذا القصور وفي حقيقة الأمر لا أجد إلا دوامه من الأسباب والمسببات لا تنتهي، وأنا أعتقد أنه مهما وضعنا من حلول، فهي بنهاية الأمر حلول شكليه إذا ما اقترنت هذه الحلول مع ثقافة مجتمعية إيجابيه نحو التعليم وعناصره، فالمجتمع العربي لا زال أمياً مع كثرة متعلميه فالأميه كما أراها هي مجتمع لا يقرأ ولا يقدر الكتاب ولا يستشعر دور العلم في حياة الشعوب. من المفارقات أن تجد الآلاف من المصطلحات العلمية الجديدة سنوياً والتي لا تجد لها ترجمة عربية مما يعطي دلالةً على الفرق الشاسع في مجال التعليم بين تلك الدول وبين ما نحن فيه من تأخر علمي، اليوم لا نحتاج أن نبين الأسباب وإنما نحتاج العمل على المعالجة والتي اراها بدايةً في وعي وإدراك المجتمع أهمية التعليم وأقصد بالوعي هنا هو أدراك أهمية التعليم كقيمة حقيقية.
المعلم يمثل عنصر أساسي ودعامة كبيره لأي نظام تعليمي، وسوف اتحدث عن معلم اليوم من خلال اتجاهات ثلاث:
- علاقة المعلم مع مجتمعة:
مع الأسف تشوب تلك العلاقة في الآونة الأخيرة نوعاً من الحذر والريبة فلم يعد المجتمع كسابق عهده يولي المعلم مكانته الاعتبارية، وهذا الخلل مسبباته كثيرة ومتنوعة منها على سبيل المثال كثرة المعلمين فلم يعد يخلو بيت من وجود أحد ابناءه معلماً أو له صله بالتعليم، وسائل الأعلام وما تبثه من لقاءات تتناول هيبة المعلم ومناقشة تلك القضايا في بعض الأحيان بدون أدنى حياد وتلبيس بعض القضايا الفردية رداء الظاهرة، انتشار بعض المقاطع من بعض المعلمين التي تسهم بدون أدنى شك في تدني هيبته أمام المجتمع وتناولها بشكل موسع عبر شبكات التواصل، قس على ذلك الصحف الالكترونية غير المهنية التي تهتم إلى السبق في نشر الخبر دون التثبت في بعض الحالات.
وبالتالي يجب التوعية بأهمية المعلم وإبراز الدور الإيجابي الذي يقوم به، واستغلال الوسائل الممكنة لتعزيز مكانته المجتمعية، إذا أردنا أن يستعيد المعلم هيبته الاعتبارية في عيون مجتمعه.
- علاقة المعلم مع مهنته:
مزاولة مهنة التعليم لدينا أصبحت كما يقال مهنة من لا مهنة له وهذه حقيقة مع الأسف، عدد كبير من المعلمين يمارسون المهنة لأجل الحصول على عمل وهذا حق مشروع ولكن أن يتم التعامل مع هذه المهنة كأي مهنة أخرى هنا مكمن الخلل، وشواهد الميدان كثيرة بهذا الخصوص فقد تجد البعض لا يمتلك الشخصية وحسن إدارة الصف والبعض الآخر تمكنه من المادة مضطرب أو غير قادر على تنويع أساليبه في الشرح، كذلك عدم المبالات والاهتمام بتطوير الذات ومجارات واقع الطلاب المعاصر الذي أخذت فيه التقنية ووسائل الاتصال والتواصل مكانة كبيرة وبعداً آخر، فعندما يستشعر الطالب جهل المعلم في أي جانب معرفي أو حتى تكنولوجي سوف يسهم بدون أدنى شك في تدني هيبته.
ايضاً أغفال الوزارة مبدأ الشراكة مع المعلم في اتخاذ القرار وإبراز دوره من خلال قنوات استطلاع الرأي أو حتى التصويت على بعض القرارات، فتحقيق مبدأ الشراكة والمشاركة ربما يجعل هناك نوعاً من التقارب وانغلاق تلك الفجوة بين المعلم ووزارته، التي تصدر كثيراً من التعميمات التي لا تلاقي القبول في كثير من الأحيان، وبالتالي تصبح قرارات معطله أو غير مطبقة بالشكل السليم. إذا مهنة التعليم تحتاج إلى المعلم واسع الاطلاع والمحب لمهنته الذي يعي أهمية ما يقوم به بحيث لا تصيبه الرتابة ولا يغلبه الروتين الذي يجعله في نهاية المطاف متمللً، لا يحقق الدور المأمول منه. نعم العقبات كثيره ولكن تجاوزها ليس بالأمر الصعب إذا ما أراد هذا المعلم أن يقدم شيئاً يفتخر به.
- علاقة المعلم مع الطالب:
لا شك أن هذه العلاقة هي حديث اليوم حيث يتقاسم الجميع تدني هذه العلاقة دون استثناء، نظرة بعض المعلمين اليوم للطالب هي أن النظام أو القوانين غير كافيه لحمايته من هذا الطالب أو ذاك أو أن النظام لا يقف في صفه وأنه محاط بالأنظمة التي يراها غير منصفه له كمعلم، وحينها لا يرى حرجاً في ترك الجزء الأهم من مهنته وهو التربية والتوجيه ومعالجة السلوكيات الخاطئة ويهتم بالجانب المعرفي فقط، وهذا خلل كبير في نظام العلاقة بين المعلم والطالب وما يجب أن تكون علية هذه العلاقة.
ومن هنا يمكن أن نضع التساؤلات التالية:
هل هناك برامج توعويه مقدمة للرأي العام تبين دور المعلم وما يقدمه؟ وهل الوزارة تبنت مثل هذه المشاريع والبرامج؟
هل يتمتع المعلم بكافة حقوقه المعنوية والمادية؟ وهل هناك حوافز مجزية ومشجعه له؟
هل هناك شراكة أو مشاركة حقيقية للمعلم مع وزارته في اتخاذ القرار ووضع الأنظمة؟
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
ردحذف