القائمة الرئيسية

الصفحات

من المدونة

الفلسفة كمنهج تعليمي ..!!



اعلم علم اليقين أن كلمة فلسفة مرعبة لدى البعض فقد نمى في العقل الباطن بغضها قبل أن نتعرف عليها وندرك حتى ماهيتها أو مدى أهميتها . بينما العالم اليوم تجاوز مسألة البحث عن أهمية الفلسفة إلى ضرورتها . بُغض الفلسفة لدينا له ما يسنده ولعلي أوجز بومضة سريعة ومراجعة بسيطة للتاريخ في هذا الجانب يكفي أن تشاهد تلك الحرب التي نشبت بين اصحاب علم الفلسفة والمتكلمون أو أصحاب علم الكلام أيام الخليفة المأمون وما صاحب تلك الحقبة من نشوء فكر المعتزلة ثم اتى بعد ذلك الإمام الغزالي وعكف على دراسة الفلسفة وفهمها لأكثر من سنتين ثم بدأ حملته عندما استشعر أن الفلسفة في ذلك الوقت تمثل خطر على الدين وخصوصا حول ما يتعلق بالإلهيات واصدر كتابه " تهافت الفلاسفة " وقام بتكفير الفلاسفة حتى اتُهم الغزالي فيما بعد أنه قضى على الفلسفة العقلانية في العالم العربي ثم أتى أبن رشد ورد على الغزالي في ابطال فتواه في كتابين وهما " فصل المقال ، وتهافت التهافت " .
حاول أبن رشد إزالة ذلك الاضطراب من خلال كتبه فقد قال في عتابه على الغزالي في كتاب فصل المقال " ثم جاء ابو حامد الغزالي فطم الوادي على القرى وذلك أنه صرح بالحكمة للجمهور وبآراء الحكماء على ما أداه إلية فهمه " وكذلك أن ما قيل من مخالفة الفلسفة للشرع دعوى باطلة حيث يقول " لأنا معشر المسلمين نعلم على القطع أنه لا يؤدي النظر البرهاني إلى مخالفة ما ورد به الشرع فإن الحق ( الشرع ) لا يضاد الحق ( الفلسفة ) بل يوافقة ويشهد له " .
ولكن محاولته لم ترى النور إلا خارج المحيط الاسلامي فكان تأثيره على الثقافة الغربية والفكر الاوربي الحديث وكان آخر الفلاسفة الاسلاميين .من يعتقد أن الفلسفة هي فلسفة الماورائيات والبحث عن أصل الوجود كما كانت في الفلسفة الأولى فهو مخطأ فقد تم تجاوز هذه المرحلة ومراحل كثيرة متلاحقة في التاريخ البشري ولا تكاد تذكر لأنها أخذت منحى آخر مختلف عما كان يدور حتى بما في ذلك القرون الوسطى .
لماذا الفلسفة ؟ تساعد الفلسفة الفرد على مواجهة المشكلات ومحاولة البحث عن حلولها وأيضا اكتساب الكثير من المهارات العقلية و توسع آفاق العقل و تساعد على التخلص من الجمود العقلي وبالتالي تجعلنا أكثر مقدرة على فحص الآراء كذلك فهي تعطي نظرة تحليلية ناقدة لأمور الحياة فهي المحفز الأول على الابداع .
كثير من الدول العربية الآن أصبحت تُدرس منهج الفلسفة استشعارا منها بأهمية هذا العلم وما يعود به من فائدة على مستوى الفرد واغلب تلك الدول بدأت بتدريس هذا المنهج في المرحلة الثانوية تحديداً والسبب أن الطالب كان يقبل الحقائق الرياضية وغيرها بشكل مجرد وكأن عقل الطالب لا يستخدم إلا في تخزين المعلومات أي ذاكرة فقط دون فحص وتحليل ناقد وتدقيق . وبالتالي كان تدريس الفلسفة هو اشبه ما يكون بصحوة ويقظة فكرية . وفي بلادنا مع الاسف لا يدرس منهج الفلسفة وإنما يكتفى بما يتعلمه الطالب من نظريات جاهزة في مسيرته التعليمة .
وفي مناهج الرياضيات الحديثة حالياً قد تحسنت الصورة بتقديم استراتيجيات في طرق التخمين والتحليل ولكنها غير كافية في بناء شخصية ناقدة وقد تجد ان هناك قلة قليلة ممن يكون لديه بعض المام بالفلسفة ولكن بالنهاية هو مجهود ذاتي صرف اكتسبه عن طريق قراءته الخاصة لعدم وجود هذا المنهج من الاساس في التعليم العام أو الجامعي .من الأشياء الغريبة التي الاحظها أن تجد التحذير المتكرر من بعض الدعاة من الفلسفة وتدريسها ويحصرونها في نطاق ضيق ويكررون ما ورد من اشكاليات الفلسفة في القرون الوسطى وكأن الفلسفة بدأت في تلك المرحلة وانتهت اليها وهذه مشكلة كبيرة وخلط وخصوصا في عصرنا الحديث الذي أخذت فيه المعرفة شكلاً وبعداً آخر ولعل بعضهم لم يعلم أو تناسى دور الفلسفة في تجديد الفقه الإسلامي فما أحوج بعض الدعاة إلى منظومة فلسفية أن صح التعبير تجدد له و تطور هذا الخطاب الوعظي وتجعله أكثر ارتباطاً بالواقع الذي يعيشه .

تعليقات

تعليقان (2)
إرسال تعليق
  1. موضوع رائع اخ فيصل سلمت أناملك على ماطرحت من رؤية وتصور للفلسفة استفدت كثيرا . شكرا لك

    ردحذف
  2. أنت الأروع أخ علي سعدت بمرورك وتعقيبك .. لك كل الود

    ردحذف

إرسال تعليق

" إذا قرأتَ شيئاً لاتفهمه .. لاتحتقر ذكاءك .. احتقر ذكاء من كتبه " !